انتصف النهار في (مكة المكرمة) وقل عدد الناس في السوق، فالناس جميعا ذهبوا لبيوتهم ليحتموا من شمس الظهيرة وليتقوا شدة الحر، ووقفت عجوز وحيدة تنظر حولها علها تجد من يساعدها على حمل متاعها لتذهب هي الأخرى لبيتها.
انتظرت طويلا ولما يئست إذا برجل يطلع عليها، فقالت في نفسها قد جاء الفرج، ولما دنا منها قالت له: يا أخا العرب هل لك أن تحمل علي متاعي هذا، فقال لها الرجل بل أحمله أنا عنك، فحمله وسار معها حيث تريد، ولم يمل الرجل من بطء خطواتها وثقل الحمل ولا طول الطريق ولا من شدة الحر.
تعجبت المرأة من صنيع الرجل، فلم يكن الناس في هذا الزمان على هذه الأخلاق الحميدة، فطوال حياتها لم ترى من يعاملها مثل هذه المعاملة الطيبة، وظلت تفكر كيف تكافئه وهي الفقيرة وليس لديها ما تعطيه له، وما لبثت أن تذكرت أمرا .. فقالت له:
يا أخا العرب.. إني كما ترى امرأة عجوز فقيرة ولا أملك شيئا وليس لدي ما أكافئك به على صنيعك معي، ولكن.. خذ مني هذه النصيحة: إن بمكة في هذه الأيام رجل كذاب يدَّعي النبوة اسمه (محمد بن عبدالله) فإن صادفته أو رأيته فلا تستمع إليه ولا تؤمن به و لا تصدقه.
فقال لها الرجل: أنا محمد عبدالله.
فقالت المرأة : أشهد أن لا إله إلا الله و أنك لرسول الله.
وصدق الله العظيم: (وإنك لعلى خلق عظيم).