مفهوم الموت لدي الشعوب .مهما تنوعة مفاهيم الموت ففي نهاية يبقي مفهموم واحد
(( أنهُ نهاية كل حي في هذا الوجود يكون مظهره خمود الشعور وتلاشي الإدراك )).
ولكن مابعد الموت هو السؤال الذي تنوعت نظرة إليه بين شعوب قديماً وحاضرا لأن باطن الموت أرتبط بمعتقدات فكرية لا تستند علي دليل ملموس يبين حقيقة الموت وحال الجسد بعد مفارقة الروح والانفصال عن الدنيا , فتبني كل شعب فكرتة الخاصة التي من خلالها يتم التعامل مع جسد الميت بطقوس تعبر عن هذه الفكرة , وبما أن الموت من عالم الغيبيات بدليل قولة تعالي { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } (85) سورة الإسراء
كانت الأساطير هي السمة الغالبة علي المعتقدات الأرضية دون السماوية , فحين نتتبع الحضارة الفرعونية وشعوب المايا ولأزدك وثقافة اليونانية والرومانية وكذالك الفارسية والفينيقية وغيرهم نجد أن الموت لهُ سمة خاصة تتصف غالباً بالاوهية مما أكسبها صفة الثبات عبر الأجيال .
في المقابل فأن الأديان السماوية ذات شرائع ربانية لا تدخلها أهواء وفلسفات شبة عقلانية , فأن الروح مردها إلي الله وحده سبحانه , وما عليهم سوى احترام الجسد و أكرامه .
الموتى عند المصريين القدماء (( الحضارة الفرعونية ))
********************************************
اهتم المصريون، اهتماماً خاصاً، بالموت مع كراهيتهم له ,وتعلقوا بالأمل في البعث بعد الموت ، فقد كتبوا عنه ((الموت أمر بغيض يجلب الدموع والأحزان، ويخطف الرجل من بيته ويلقي به على كثيب رملي في الصحراء لن نعود إلى الأرض أو نرى الشمس
و كانوا يعتقدون في الحياة الآخرة. ويرجع ذلك إلى طبيعة البيئة المصرية القديمة والفترات الطويلة من التأمل في الظواهر الطبيعية , خاصة في شروق الشمس وكأنها تولد، وفي غروبها وكأنها تموت , ثم بزوغها من جديد في اليوم التالي . وهكذا رأوا أن الموت امتداد للحياة وأن الحياة امتداد للموت.
و كانت أعظم أمنية لكل مصري، هي أن يحظى بدفن كريم، فإنه يود أن يأتيه الموت بعد عمر طويل، يبلغ 110 سنوات من العمر وأعطو السيادة باستمرار للآلهة التي اعتقدوا أنها تساعد الموتى، ومن هذه الآلهة: أنوبيس و سوكاريس ، و خنتمانتيس , وأوب وات وأوزوريس , وقد اتخذ أنوبيس شكل ابن آوى، أو الكلب، وارتبط بعملية تحنيط الموتى أما أوزوريس فكان في الأصل إله الموتى، وكان مركز مدينته الأول فيما يبدو، هو مدينة أبيدوس. أما الدافع وراء اتحاد الملك الميت بأوزوريس، فقد كان واضحاً، وهو ضمان استمرار سيادة الملك بعد الموت، فعندما يصبح فرعون الميت هو أوزوريس، فإن ذلك يعني أنه سوف يحكم مملكة الموتى
ولم يهملوا في ذلك الوقت الاحتياطات اللازمة استعداداً للموت، و كان تحضير المقبرة يبدأ قبل وقوع الوفاة بوقت كبير. وكانت عملية الدفن بالغة التعقيد والطول؛ إذ كان تحضير المقبرة يبدأ قبل وقوع الوفاة بوقت كثير وأعدَّاد قبر ليعيش فيه حياته بعد الموت، لقد تصور المصريون القدماء الموت على أنه انفصال العنصر
الجسماني عن الروح. وأن الإنسان يموت، وكذلك الآلهة، مثل الإنسان، ولكن الأفكار الغريبة التي تتعلق بالآلهة أنهم يموتون، ولكنهم في الوقت نفسه، ما زالوا بمعنى آخر أحياء يمارسون قدراتهم وصلاحياته (( عالم مابعد الموت )) تدل الأعداد الهائلة للقبور، والزخارف والنصوص الجنائزية، على أنهم كرسوا جهداً، واهتماماً هائلاً بالحياة بعد الموت، أكثر من أي شعب آخر في العصور القديمة. و من ما أكده المصريون وآمنوا به، هو أن الحياة بعد الموت حياة حقيقية، هي حياة الجسد داخل القبر لذا أعتقدو بأن التحنيط أساسي في العبور الآمن من عالم الأحياء إلى الحياة الآخرة. وكانت عملية التحنيط الفعلي تستغرق نحو سبعين يوما. وكان جسد المتوفى ينظف ويطهر طقسيا، لكي يبدأ الرحلة إلى العالم الآخر. وكانت الأعضاء الداخلية تزال وتوضع في أوعية تسمي بالأواني الكانوبية؛ باستثناء القلب وبقدر ماينفق علي جنازة الميت تكون الوسائل المحافظة الجثة أفضل ومراسيم الجنائزية أجمل فكان الفرعوني يدفع أمالاً طائلة لحياة رغيدة (!!!!) أو يقوم أهلة بذلك ويرفقون معه الطعام والشراب وبعض الحلى من ذهب وأساور حتي أن بعض أهل الميت يقومون بتجديد مؤن العيش بعد كل فترة (!!!) وهذا اختصار بسيط لعملية الدفن نبعد فيه تفاصيل التحنيط الدقيقة التي تكتشف كل بعد فترة وهي تتكون من أربع مراحل
1 - المناحة في بيت الميت، حول سرير، الذي تؤدي النائحات المحترفات فيه دوراً مهماً، وهن يلطمن رؤوسهن وصدورهن، ويحثين التراب فوق أجسامهن، وينادين السماء كي تشهد على حزنهن .
2 - ثم موكب حمل الميت وأمتعته إلى النيل .
3 – ثم عبور النهر بقارب يحمل تابوت خشبي بداخله جثته علي شكل مومياء، في تلك ألحظات تقف امرأتان على جانبي القارب، تمثلان إيزيس و نفتيس، تنتحبان طوال فترة العبور
4 - يحيط قارب الميت بعدة قوارب أخرى تحمل أفراد الأسرة وهم يولولون، كما تحمل أصدقاءهم وأمتعة الميت يجتمع الموكب من جديد على الضفة الغربية، ويوضع التابوت فوق زحافة تجرها الأبقار. فيجتمع المشيعون في جماعات حول التابوت يتبادلون التعازي مع أصدقائهم. ويسير الموكب في طريقه المترب بطيئاً حتى يصل إلى الجبانة، ويطلق الكهنة البخور على التابوت، وهم يرتلون الأناشيد الطقسية. وعند بلوغ القبر،
يتوقف المعزون، وتبدأ المرحلة الأخيرة. فيقوم الكهنة أولاً بالطقوس، كفتح الفم، وبعدها تركع أرملة الميت أمام التابوت، وتمسكه بذراعيها، كما لو كانت تحاول استبقاء الميت في الدنيا، وتقول كلمة الوداع. بعد ذلك ينزلون التابوت إلى موضعه في القبر ومعه متعلقات الميت. ثم يُقفل السرداب ويشترك الجمع المحتشد في وليمة جنائزية. ولعل هذه أبسط صورة يمكن شرحها دون الغوص في تفاصيل كثيرة ومعقدة عمرها 3000 عام قبل الميلاد خاتمتها قولة تعالي {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (46) سورة غافر